جنكو ثنائي الفصوص

يُعدّ هذا الشجر من أكثر الأشجار إثارة للاهتمام، وذلك لكونه يُعتبر “أحفورة حيّة”، أي أنه وُجد منذ عصور ما قبل التاريخ (إذ عُثر على بقايا متحجرة له تعود إلى أكثر من 270 مليون سنة!)، ونجا حتى يومنا هذا. يُعتقد أنه أقدم شجرة على وجه الأرض. لا تزال توجد في الصين عينات منه يبلغ عمرها آلاف السنين، وتصل بعض الأشجار هناك إلى ارتفاع يقارب 50 مترًا. قدرته الكبيرة على مقاومة الآفات والأمراض، وسهولة تكاثره الذاتي، جعلت منه الناجي الوحيد من عائلته النباتية، ولهذا يُعد نوعًا فريدًا من نوعه في العالم النباتي. صلابته مدهشة لدرجة أن عدداً من أشجاره نجا من القنبلة الذرية في هيروشيما عام 1945، رغم أنّها كانت على بُعد كيلومتر أو اثنين فقط من مركز الانفجار، ولم تكتفِ بالنجاة فحسب، بل تعافت تمامًا بعد فترة قصيرة نسبيًا.

جذور الشجرة تتعمق داخل الأرض. جذعها رمادي ومُخدَّد. أوراقها مميزة، على شكل مروحة، وغالبًا ثنائية الفصوص، بلون أخضر. تساقط أوراقها أصفر ومثير للإعجاب بشكل خاص. قبل أن تصفر الأوراق، يوجد طور انتقالي فريد يكون فيه نصف الورقة أخضر ونصفها الآخر أصفر، مما يخلق مظهرًا فريدًا وجميلًا. تاج الشجرة عريض ومتفرع بزاويا واضحة. إنها مقاومة جدًا للآفات، وكذلك لظروف البرد والرياح القوية وحتى للجفاف. تفضل الشجرة الترب الرطبة جيدة التصريف، وكذلك المناطق ذات الهطول الغزير. من ناحية التربة، فهي غير متطلبة ويمكن العثور عليها في المناطق الصخرية وحتى على المنحدرات. ثمار الجنكو صفراء وتشبه المشمش، أي أنها ثمرة لحمية بداخلها بذرة. للجنكو أزهار صغيرة جدًا، تكاد لا تُرى بالعين المجردة. هي في مرحلة بدائية مقارنة بالإزهار الشائع في عالم النبات. هذه الأزهار لا تحتوي مثلًا على مبايض ولا على رحيق. لذلك لا تُلقَّح بواسطة النحل، بل بواسطة الرياح فقط، تمامًا كما هو الحال في الصنوبر والسرو، اللذين تطورا في نفس الحقبة. ومن هنا يُصنَّف الجنكو (تمامًا مثل الصنوبر والسرو) ضمن مجموعة عاريات البذور. ومع ذلك، تتطور الثمرة من أزهاره. تؤكل بذور الشجرة في الصين في المناسبات الخاصة مثل حفلات الزفاف ورأس السنة الصينية. يؤمن الصينيون بأن البذور غنية بالقيمة الغذائية، وتُعتبر أحيانًا طعامًا محفزًا للشهوة. يجب التنويه إلى أنه لا يجوز تناول كمية كبيرة من بذور الشجرة، لأن ذلك قد يؤدي إلى التسمم. هناك من ينسب إلى بذور الشجرة وأوراقها خصائص طبية مختلفة، إلا أنه لا يوجد إثبات علمي أو طبي يدعم ذلك.

جمال هذه الشجرة الكبير، وتساقط أوراقها الأصفر المدهش، وصلابتها العالية، وتاريخها العريق الذي تحمله، يجعلون من الجنكو شجرة مثيرة وجذابة جدًا. تنتشر الشجرة كثيرًا في أوروبا، لكنها ليست منتشرة في البلاد، وذلك لأن معدل نموها في سنواتها الأولى بطيء نسبيًا، ولذلك يصعب الاستثمار فيها. من يستثمر فيها سيحصل على شجرة قوية وطويلة العمر ذات مشهد خريفي (تساقط أوراق) رائع. يمكن العثور على بعض العينات أيضًا في البلاد — مثلًا في بئر طوبيا، وحتى جادّة كاملة من الأشجار في القدس، في شارع بار كوخبا في الحي الفرنسي.